المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٣٢
الحاضرة منها غير منقسمة لأنها غير قارة فيلزم تركب الحركة من أجزاء لا تتجزأ وتركب المسافة منها وهو باطل بالدليل الدال على نفي الجزء فوجب أن لا تكون الحركة موجودة ولكن وجودها ضروري يشهد به الحس فانتقض دليلكم والجواب عن هذا النقض أن الحركة كما سيأتي تطلق بالاشتراك اللفظي تارة بمعنى القطع وهو الأمر المتصل الذي يعقل للمتحرك فيما بين المبدأ والمنتهى ولا وجود لها بهذا المعنى لأن المتحرك ما لم يصل إلى المنتهى لم يكن ذلك الأمر المتصل الممتد من المبدأ إلى المنتهى موجودا وإذا وصل إليه فقد بطل ذلك المتصل المعقول فلا يتصور له وجود في الأعيان بل الحركة بمعنى القطع إنما ترتسم في الخيال كما ستطلع عليه وتطلق أخرى بمعنى الحصول في الوسط وهو حالة منافية للاستقرار يكون بها الجسم أبدا متوسطا بين المبدأ والمنتهى ولا يكون في حيز واحد آنان والحركة بهذا المعنى مستمرة من أول المسافة إلى آخرها وليست منطبقة عليها بل هي موجودة في كل حد من الحدود المفروضة على المسافة لكنها باستمرارها وعدم استقرار نسبتها إلى حدود المسافة تقتضي ارتسام ذلك الأمر المنطبق عليها في الخيال فظهر أن لا نقض بالحركة بالمعنى الأول إذ لا وجود لها في الأعيان كالزمان ولا بالمعنى الثاني لأنها وإن كانت موجودة إلا أنها غير منطبقة على المسافة فلا يلزم من عدم انقسامها عدم انقسام المسافة ولا أن يكون جزء من أجزائها غير المنقسم بل يلزم أن يكون في المسافة حدود مفروضة غير منقسمة في جهة امتداد الحركة ولا يمكن أن يبطل أصل الدليل بأن يقال مثل ذلك الجواب في الزمان أي لا يجوز أن يقال إن الزمان أيضا أمر مستمر كالحركة بمعنى التوسط فإن زمان الطوفان لا يوجد الآن ضرورة ولو كان الزمان أمرا مستمرا لوجب أن
(٥٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 ... » »»