المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٣٣
تكون الأزمنة كلها واحدة حقيقة وهو باطل بديهة وفيه نظر إذ المذكور في المباحث المشرقية أن الزمان كالحركة له معنيان أحدهما أمر موجود في الخارج غير منقسم وهو مطابق للحركة بمعنى الكون في الوسط والثاني أمر متوهم لا وجود له في الخارج فإنه كما أن الحركة بمعنى التوسط تفعل الحركة بمعنى القطع كذلك هذا الأمر الذي هو مطابق لها وغير منقسم مثلها يفعل بسيلانه أمرا ممتدا وهميا هو مقدار للحركة الوهمية قال فهذا الذي أثبتنا له الوجود في الخارج من الزمان هو الذي يسمى بالآن السيال فقد تحقق من كلامه أنه لا فرق بين الحركة والزمان في أن الموجود منها أمر لا ينقسم ولا ينطبق على المسافة حتى يلزم تركبهما من أجزاء لا تتجزأ فكما أنه ليس يلزم من استمرار الحركة السيالة التي لا تنقسم أن تجتمع الأجزاء المفروضة في الحركة الممتدة بعضها مع بعض كذلك لا يلزم من استمرار الزمان الذي لا ينقسم أعني مقدار الحركة الغير منقسمة أن تجتمع الأجزاء المفروضة في الزمان المنقسم الذي هو مقدار الحركة المنقسمة فمن أين يلزم أن يوجد زمان الطوفان في الآن ولو وجب ذلك لوجب أن توجد الحركة في أول المسافة مع الحركة في آخرها ثم إن ههنا بحثا آخر وهو أن الزمان عند الحكماء إما ماض وإما مستقبل فليس عندهم زمان هو حاضر بل الحاضر هو الآن الموهوم الذي هو حد مشترك بينهما بمنزلة النقطة المفروضة على الخط وليس جزءا من الزمان أصلا لما عرفت من أن الحدود المشتركة بين أجزاء الكم المتصل مخالفة لها في الحقيقة فلا يصح حينئذ أن الزمان الماضي ما كان حاضرا والمستقبل ما سيحضر فكما أنه لا يمكن أن يفرض في خط واحد نقطتان متلاقيتان بحيث لا تنطبق إحداهما على الأخرى فكذلك لا يمكن أن يفرض في الزمان آنان
(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»