المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٣٠
الحاضر على بعضه فلا يكون الحاضر كله حاضرا بل بعضه هذا خلف وأيضا ننقل الكلام إلى ذلك البعض الحاضر فيجب الانتهاء إلى حاضر غير منقسم لامتناع انقسامه إلى ما لا يتناهى وإذا كان الزمان الحاضر غير منقسم فكذا الكلام في الجزء الثاني الذي سيحضر عقيب هذا الحاضر والجزء الثالث الذي يحضر عقيب الثاني إذ ما من جزء من أجزاء الزمان ماضيا كان أو مستقبلا إلا وهو حاضر حينا ما وقد عرفت أن الحاضر غير منقسم فتكون أجزاء الزمان غير منقسمة وهي المسماة بالآنات فيتركب الزمان من آنات متتالية والمفروض أنه أي الزمان موجود فتكون الحركة مركبة من أجزاء لا تتجزأ لأنه أعني الزمان من عوارضها وينطبق عليها وكذلك الجسم الذي هو المسافة يكون مركبا من أجزاء لا تتجزأ لأنها أي الحركة من عوارضه أي منطبقة عليه وبالجملة فالزمان والحركة والمسافة أمور متطابقة بحيث إذ فرض في أحدها جزء يفرض بإزائه من كل واحد من الآخرين جزء فإذا تركب أحدهما من أجزاء لا تتجزأ كان الآخر كذلك فظهر أنه لو كان الزمان موجودا لكان الزمان الحاضر موجودا ولو كان الزمان الحاضر موجودا لكان الجسم مركبا من أجزاء لا تتجزأ وأنتم لا تقولون به أي بتركب الجسم من الأجزاء التي لا تتجزأ فيتم الاستدلال عليكم الزاما أو نبطله يعني تركب الجسم من تلك الأجزاء بدليله الدال على امتناع تركبه منها فيتم الاستدلال برهانا ولما كان حاصل الوجه الثاني أنه لو وجد الزمان فإما أن يوجد في الحاضر أو في الماضي أو في المستقبل والكل باطل أجاب عنه ابن سينا بأن قال لم قلتم أنه لو وجد الزمان فإما في الآن أي الحاضر أو في الماضي أو في المستقبل فإن كلا منها أخص من الموجود المطلق ولا يلزم من كذب الأخص وانتفائه كذب الأعم وانتفاؤه وهو مشكل لأن وجود
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»