منهم حالة خامسة هي علة للأربعة المذكورة ومميزة للذات أي لذاته تعالى عن سائر الذوات المساوية له في الذاتية هي الإلهية فقد أثبتوا مع الله في الأزل أمورا كثيرة فلزمهم تعدد القديم مع تحاشيهم عن إطلاق القديم على غير الله كذا قال الإمام الرازي وفيه نظر لأن القديم موجود لا أول له وهذه الأمور التي أثبتوها أحوال لا توصف عندهم بالوجود فلا تكون قديمة إلا أن يراد بالقديم ثابت لا أول له لكن الكلام في المعنى المشهور وأيضا إنما يلزم هذا من أثبت منهم الحال دون من عداهم احتج المعتزلة على نفي الصفات القديمة التي أثبتها الأشاعرة بأن القول بقدماء معتدة كفر إجماعا والنصارى إنما كفروا لما أثبتوا مع ذاته تعالى صفات أي أوصافا ثلاثة قديمة سموها أقانيم وهي بمعنى الأصول واحدها أقنوم قال الجوهري وأحسبها رومية هي العلم والوجود والحياة وعبروا عن الوجود بالأب وعن الحياة بروح القدس وعن العلم بالكلمة وقد وقع في بعض النسخ القدرة بدل الوجود وهو سهو فكيف لا يكفر من أثبت مع ذاته تعالى سبعة من الأوصاف القديمة المشهورة أو أكثر كما إذا ضم إليها التكوين أو غيره من الصفات الوجودية التي اختلف فيها كالبقاء واليد وغيرهما والجواب أنهم أي النصارى إنما كفروا لأنهم أثبتوا أي الأقانيم المذكورة ذوات لا صفات وإن تحاشوها عن التسمية بالذوات وسموها صفات فإنهم قالوا بانتقال أقنوم العلم وهو الكلمة إلى المسيح والمستقل بالانتقال لا يكون إلا ذاتا وإثبات المتعدد من الذوات القديمة هو الكفر إجماعا دون إثبات الصفات القديمة في ذات واحدة وأيضا إنما كفرهم الله
(٣٧٢)