المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٣٨٣
اتصاف الكثير بالوحدة لا يمنع تقابلهما أي تقابل الوحدة الكثرة فإنهما لم يعرضا لشيء واحد نعم عرض الوحدة للكثرة لا الكثير الذي عرض له الكثرة ولا استحالة في عروض أحد المتقابلين للآخر إنما المحال عروضه لمعروض الآخر فالعشرية عارضة للجسم مثلا والوحدة عارضة للعشرية فلم يتحدا في الموضوع حتى يكون ذلك مانعا من تتقابلهما فإن قلت فعلى هذا لا يصح أن كل ما هو موجود فله وحدة فإن الكثير موجود ولم يعرض له وحدة كما اعترفتم به قلت المراد من عروض الوحدة للكثرة أنها عارضة لذات الكثير مع ملاحظة صفة الكثرة بخلاف الكثرة فإنها عارضة لتلك الذات بلا ملاحظة كثرة وبعبارة أخرى ذات الكثير من حيث التفصيل معروضة للكثرة ومن حيث الإجمال معروضة للوحدة ولا استحالة في عروض المتقابلين لشيء واحد من جهتين ولنا أن نقول الوحدة عارضة للكثرة بالذات وللكثير بالعرض ولأجل ذلك التساوي الذي بينهما ظن بعضهم أنها أي الوحدة نفس الوجود فتكون الوحدة الشخصية نفس الوجود الشخصي الثابت لكل موجود معين ويبطله أنه لو كان الوجود الشخصي نفس الوحدة الشخصية لكان التفريق الواقع في الجسم الواحد إعداما لذلك الجسم المشخص وإيجادا لجسمين آخرين إذ بالتفريق تبطل الوحدة المخصوصة فيبطل الوجود المخصوص وأنه أي كون التفريق إعداما باطل إذ ليس شق البعوض بإبرته البحر الأخضر إعداما له وإيجادا لبحرين آخرين ضرورة والمجوز لذلك بناء على أنه مجرد استبعاد لا ينافي الجواز مكابر لمقتضى عقله لا يخاطب ولا يناظر وإنما جوزه من جوزه بناء على أن الصورة الجسمية هوية متصلة في حد ذاتها فإذا ورد عليها الانفصال زالت تلك الهوية الانفصالية ووجد هويتان أخريان اتصاليتان والموجود في الحالتين معا هو الهيولى التي لا اتصال لها في نفسها ولا انفصال بل تجامع كل منهما وهي هي وهذا الدليل بعينه يدل على أن الوحدة ليست عين التشخص فإن الجسم البسيط الواحد إذا جزىء زالت وحدته دون هويته الشخصية وإلا كان التفريق إعداما ويدل عليه أيضا أن الأمور الكلية موصوفة بالوحدة دون التشخص وأيضا فالوجود يجامع الكثرة والوحدة لا تجامعها ومعنى ذلك ما
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»