المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٣٧٣
تعالى بقوله * (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) * لإثباتهم آلهة ثلاثة كما يدل عليه قوله عقيبه * (وما من إله إلا إله واحد) * فمن أثبت صفات متعددة لإله واحد لا يكون كافرا وسيأتيك في بحث الصفات القائمة بذاته تعالى تتمة لهذا الكلام وأما غير ذات الله تعالى وصفاته فلا يوصف بالقدم بإجماع المتكلمين لأن ما سوى الله تعالى مخلوق وكل مخلوق حادث عندهم وجوزه الحكماء إذ قالوا العالم قديم على التفصيل الذي ستطلع عليه في البحث عن حدوث العالم وأثبت الحرنانيون من المجوس وهم فرقة منهم منسوبة إلى رجل يقال له حرنان قدماء خمسة اثنان منها عالمان حيان والأولى كما في المحصل اثنان حيان فاعلان وهما الباري والنفس أما الباري فهو قديم وحي وفاعل لهذا العالم وأما النفس والمراد بها ما يكون مبدأ للحياة وهي الأرواح البشرية والسماوية فهي حية لذواتها وقديمة أيضا إذ لو كانت حادثة لكانت مادية وفاعلة في الأجسام التي تعلقت بها تعلق التدبير والتصرف وثلاثة لا عالمة ولا حية ولا فاعلة بل واحد منها منفعل واثنان لا فاعلان ولا منفعلان هي الهيولى والفضاء والدهر فالهيولى قديمة وإلا احتاجت إلى هيولى أخرى هي منفعلة بقبول الصور فلا تكون فاعلة وإلا لكانت مع بساطتها قابلة وفاعلة معا وليست بحية وهو ظاهر والمراد بالفضاء هو الخلاء ولو لم يكن قديما لارتفع الامتياز عن الجهات فلا تتميز جهة اليمين عن اليسار ولا جهة الفوق عن التحت وذلك أمر غير معقول والدهر هو الزمان ولا يتصور
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»