المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٣٥٦
العلة هي اتصافه بالإمكان وذهب جمهور المتأخرين إلى أنها اتصافه بالحدوث وحده أو مع غيره فورد عليهم أن اتصاف الحادث بالحدوث في نفس الأمر متأخر بالذات عن اتصافه بالوجود فيها واتصافه بالوجود متأخر كذلك عن الإيجاد وهو أيضا متأخر كذلك عن احتياجه فلا يمكن أن يكون اتصافه بالحدوث علة لاتصافه بالحاجة وهذا كلام منقح لا مغالطة فيه أصلا إذ لم يرد به أن هذه الأمور موجودات خارجية وبعضها علل لبعض في الخارج حتى يكون من قبيل تنزيل الاعتباريات منزلة الحقيقيات بل أريد أنها أمور اعتبارية لا حاجة بها إلى علة في وجودها لكن الأشياء متصفة بها في نفس الأمر فلا بد لذلك الاتصاف من علة متقدمة على معلولها بحسب نفس الأمر كما مر وأما قوله لأنهم لم يريدوا به إلى آخره فإن أراد به أن الحدوث علة لحكم العقل بالحاجة مع كونه علة للحاجة في نفس الأمر دون الخارج كما حققناه كان الدور لازما قطعا وإن أراد به أنه علة للحكم والتصديق بالحاجة فقط لم يكن له تعلق بهذا المقام إذ المقصود فيه بيان علة الحاجة لا بيان علة التصديق بها كما لا يخفى فإن قيل الإمكان متأخر أيضا عن الوجود لأنه كيفية لنسبة الوجود إلى الماهية فيتأخر عنها كالحدوث قلنا الامكان متأخر عن الماهية نفسها وعن مفهوم الوجود أيضا لكنه ليس متأخرا عن كون الماهية موجودة ولهذا توصف الماهية ووجودها بالإمكان قبل أن تتصف به الماهية وأما الحدوث فلا توصف به الماهية ولا وجودها إلا حال كونها موجودة وثانيها أي ثاني أبحاث الممكن الممكن لا يكون أحد طرفيه أي الوجود أو العدم أولى به لذاته فإن قلت هذا البحث مما لا فائدة فيه لأن الممكن هو الذي يتساوى طرفاه بالنظر إلى ذاته فلا يتصور حينئذ أن يكون أحدهما أولى به
(٣٥٦)
مفاتيح البحث: الحاجة، الإحتياج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»