المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٣٦٠
بعضها إلى بعض حينئذ وذلك سفسطة ظاهرة البطلان لأن الوجوب والامتناع والإمكان المستندة إلى ذوات الأشياء في أنفسها لا يتصور انفكاكها عنها وإلا لم تكن تلك الذوات لانتفاء مقتضياتها من حيث هي هي وربما يحتج عليه أي على لزوم الإمكان لماهية الممكن بأن الإمكان إن لم يكن لازما لها بل حادثا فنقول إن حدوث الإمكان لها واتصافها به إما أن يكون لأمر يقتضي ذلك الاتصاف وهو أي الإمكان باعتبار وقوعه صفة لها ممكن لحدوثه بهذا الاعتبار واستناده إلى الغير فيكون للإمكان إمكان فتتسلسل الإمكانات إلى غير النهاية أو لا يكون حدوث الإمكان لها لأمر يقتضيه فيلزم نفي الصانع أي لا يثبت وجوده لجواز حدوث الحوادث حينئذ من غير استناد إلى شيء يقتضيها أو نقول حدوثه للماهية أن توقف على حادث آخر تسلسل بأن يكون كل حادث مسبوقا بحادث آخر لا إلى نهاية وإلا وإن لم يتوقف حدوثه لها على حادث آخر فاختصاصه أي اختصاص حدوث الإمكان بذلك الوقت الذي حدث فيه يكون بلا مرجح هذا خلف والحق أن الدعوى وهي أن الإمكان الذي يقتضيه ذات الممكن من حيث هي هي لازم لها يستحيل انفكاكه عنها أظهر من هذين الدليلين لأنها قضية بديهية يحكم بها صريح العقل بعد تجريد طرفيها على ما ينبغي وفي الدليلين مناقشات لا تخفى على ذوي الفطانة وبتقدير صحتهما لا شبهة في خفاء مقدماتهما وربما يشكك عليه أي على لزوم الإمكان للماهية بأن حدوث العالم أي وجوده غير ممكن في الأزل لما ثبت من الدلالة على وجوب حدوثه بل نقول وجود الحادث في هذا الآن غير ممكن في الأزل لاستحالة أن يكون الحادث أزليا ثم يصير وجود العالم بل وجود ذلك الحادث ممكنا فيما لا يزال فقد ثبت الإمكان لشيء بعد مالم يكن له فلا يكون لازما وكذا فاعلية الباري تعالى للعالم بل للحوادث اليومية غير
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»