المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٣٥٥
لأن جزء العلة متقدم عليها والأظهر في العبارة أن يقال فيلزم تقدم الشيء على نفسه بمراتب والمال في المعنى واحد قال المصنف ولا يخفى أنه أي ما ذكره هذا القائل مغالطة نشأت من اشتباه الأمور الذهنية بالخارجية وتنزيلها منزلتها لأنهم لم يريدوا بقولهم إن الحدوث علة الحاجة أو جزؤها أو شرطها إلا أن حكم العقل بالحاجة لملاحظة الحدوث إما وحده أو مع الإمكان وهذا حق لا شبهة فيه لأن الحدوث علة في الخارج للحاجة فيوجد الحدوث في الخارج أولا فتوجد الحاجة فيه ثانيا لأن الحدوث والحاجة أمران اعتباريان فكيف يتصور كون أحدهما علة للآخر في الخارج حتى يرد عليه أنه يلزم منه تقدم الشيء على نفسه بمراتب ونحن نقول إن قولنا الممكن محتاج في وجوده إلى مؤثر قضية صادقة في نفس الأمر فيكون الممكن موصوفا في حد ذاته بالحاجة إلى غيره فكما أن اتصاف الشيء بالصفات الوجودية يحتاج إلى علة هي ذات الموصوف أو غيره كذلك اتصافه بالصفات العدمية محتاج إليها والفرق بين الوجودية والعدمية أن الوجودية تحتاج إلى العلة في وجودها أيضا دون العدمية إذ لا وجود لها ألا ترى أنه إذا قيل لم اتصف زيد بالعمى كان سؤالا مقبولا عند العقلاء بخلاف ما لو قيل لأي شيء وجد العمى في نفسه وكما يجوز أن يعلل اتصاف الشيء بوصف من الأوصاف الثبوتية باتصافه ببعض آخر منها كذلك يجوز أن يعلل اتصافه ببعض الاعتباريات ببعض آخر منها وكما أن العلل هناك موصوفة بالتقدم على معلولاتها كذلك ههنا موصوفة به أيضا إذا عرفت هذا فالمقصود في هذا المقام بيان أن علة اتصاف الممكن بالحاجة في نفس الأمر ماذا فذهب القدماء إلى أن تلك
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»