غير أبي الحسين البصري وأبي الهذيل العلاف والكعبي ومتبعيه من البغداديين من المعتزلة إن المعدوم الممكن شيء أي ثابت متفرد في الخارج منفك عن صفة الوجود فإن الماهية عندهم غير الوجود معروضة له وقد تخلو عنه مع كونها متقرر متحققة في الخارج وإنما قيدوا المعدوم بالممكن لأن الممتنع منه منفي لا تقرر له أصلا اتفاقا ومنعه الأشاعرة مطلقا أي في المعدوم الممكن والممتنع جميعا فقالوا المعدوم الممكن ليس بشيء كالمعدوم الممتنع لأن الوجود عندهم نفس الحقيقة فرفعه رفعها أي رفع الوجود رفع الحقيقة فلو تقررت الماهية في العدم منفكة عن الوجود لكانت موجودة معدومة معا فلا يمكنهم القول بأن المعدوم شيء وبه أي بما ذهب إليه الأشاعرة قال الحكماء أيضا فإن الماهية الممكنة وإن كان وجودها زائدا على ذاتها إلا أنها لا تخلو عندهم عن الوجود الخارجي أو الذهني يعني أنها إذا كانت متقررة متحققة فهي موجودة بأحد الوجودين لأن تقررها وتحققها عين وجودها وقيل هي مطلقا لا تخلو عنهما لأن كل ماهية يجب كونها محكوما عليها بأنها ممتازة عن غيرها أو لأنها ثابتة في علم الملأ الأعلى مع ما لها من الأحكام كما هو قاعدتهم نعم المعدوم في الخارج يكون عندهم شيئا في الذهن وإما أن المعدوم في الخارج شيء في الخارج أو المعدوم المطلق شيء مطلقا أو المعدوم في الذهن شيء في الذهن فكلا فالشيئية عندهم تساوق الوجود وتساويه وإن غايرته لأن قولنا السواد موجود يفيد فائدة يعتد بها دون قولنا السواد شيء وللنافي أي للذي ينفي كون المعدوم ثابتا وجوه
(٢٦٦)