وإن كان بالتواطؤ لا يستلزم تماثلها لجواز أن يكون أمرا عارضا لها خارجا عن ماهيتها وبهذا القدر ثم الجواب عن الوجهين معا لكنه زاد في التوضيح فقال وأما حصته أي حصة الواجب من مفهوم الكون في الأعيان فزائدة على ماهيته وهذا الجواب لا يشفي غليلا فإنه اعتراف بأن حصة الكون في الأعيان عارض لماهيته تعالى كما أنها عارضة لماهية الممكنات وإلى هذا المعنى أشار الإمام الرازي في المباحث المشرقية حيث قال فإن قيل الوجود الذي يشارك وجود الممكنات في المفهوم لازم لماهية الواجب فيكون قد جعل الوجود في حق واجب الوجود مقارنا لماهيته وهذا ترك لمذهب الحكماء واختيار لما ذكرناه فلا فرق إذن بين الواجب والممكن في كون الوجود زائدا عارضا للماهية إلا أن يثبت أن للممكنات أمرا ثالثا وراء الماهية وحصة الكون في الأعيان هو أي ذلك الأمر الثالث ما صدق عليه أنه وجود ويثبت أيضا أنه أي ذلك الثالث معروض للحصة من الكون في الأعيان عارضة للماهية الممكنة فيظهر الفرق حينئذ بأن في الممكن ثلاثة أمور ماهية وفرد من الوجود عارض لتلك الماهية وحصة من الكون الخارجي عارضة لذلك الفرد وفي الواجب أمرين فرد من الوجود هو عين ماهيته وحصة من الكون عارضة لذلك الفرد فيكون ما صدق عليه الوجود زائدا على الماهية في الممكن وعينا لها في الواجب ولكن لم يقم عليه أي على ذلك الأمر الثالث دليل أصلا بل ولا قال به أحد فإن التزمه في الممكن ملتزم إظهارا للفرق التزمنا نحن عدمه في الواجب وقلنا ليس فيه إلا ماهية ليست هي فردا من الوجود كما زعمتم بل هي معروضة لحصة الكون فيكون وجوده أعني تلك الحصة زائدة على ماهيته وطالبناه بإثباته في الممكن هذا ما ذكره وقد عرفت أنت أن حقيقة الجواب هو منع تساوي وجودي الواجب والممكن في تمام الماهية وإن كانا متشاركين في عارض صادق عليهما هو مفهوم الوجود المطلق سواء كان صدقه عليهما تواطأ أو تشكيكا وأن قوله وأما حصته إلى آخره فمزيد توضيح للجواب فالمناقشة في هذه الزيادة بطريق المنع خارجة عن قانون المباحثة وبطريق الإبطال لا تجدي نفعا لبقاء المنع بحاله وستعرف من كلام المصنف ما يدل على أن في الممكن أمورا ثلاثة ولما زيف جواب ذلك الفاضل قال نعم ههنا اعتراضان واردان على الوجهين أشار إلى أولهما بقوله فإن الوجود مقول على أفراده بالتشكيك لا بالتواطىء فإنه في وجود الواجب أولى وأقدم وأقوى فيكون الوجود المقول بالتشكيك عارضا لما يصدق عليه من أفراده إذ الماهية وأجزاؤها لا تكون مقولة بالتشكيك على أفرادها كما اشتهر فيما بينهم فالأشياء التي يصدق عليها أي على كل واحد منها أنه وجود لا موجود يعني الأشياء التي يحمل عليها الوجود مواطئة وهي الوجودات لا الأشياء التي يصدق عليها الوجود اشتقاقا وهي الماهيات فإن تخالفها لا ينفعنا مختلفة بالحقيقة أي يجوز أن يكون كذلك لأن الاشتراك في العارض لا يوجب الاتحاد في الحقيقة فقد يكون هو أي الوجود الخاص الذي في الواجب هو المقتضى للتجرد والقيام بالذات وللمبدئية ولا يلزم مشاركة وجود الممكن له في ذلك الاقتضاء للتجرد والمبدئية لاختلاف الوجودين بالحقيقة وأشار إلى الثاني بقوله وأيضا قلنا أن نطرح عنا مؤنة بيان التشكيك واقتضائه كون المشكك عارضا لما تحته ونقنع بمجرد المنع ونقول وإن سلمنا أن الوجود أمر مشترك معنى بين ما يطلق عليه الوجود فلم لا يجوز أن يكون ذلك المشترك عارضا لأفراده وأن تكون حقائق الوجودات متخالفة بالكنه مع التشارك في العارض فيجب لوجود الواجب ما يمتنع على وجود الممكن من التجرد والمبدئية ويكون الوجود في ذلك كالماهية
(٢٥٤)