بعض افرادها عن بعض وأما أن ذلك التقارن على سبيل التوارد والتنزيل فلا فإن قلت إذا لم تقتض الماهية الواحدة ولا الكثرة جاز تعاقبهما عليها لأمر خارج عنها قلت هما وصفان اعتباريان فلا يلزم من جواز تعاقبهما جواز تعاقب الصفات الموجودة حتى تلزم السفسطة المذكورة وإن أردت به لهوياتها فنختار تباينها وتكثرها لذواتها قولك فكل شيئين مختلفان بالذات قلنا نعم فإن الهوية لا تعرض لها كثرة ولا فهو يتصور فيها شركة بل كل هويتين فهما مختلفتان بالذات والحقيقة الشخصية وبالجملة إن أي ما ذكرتم في العدم وارد عليكم في الوجود فإن ماهية السواد من حيث هي اقتضت الاتحاد انحصرت في شخص وإن اقتضت التباين كان كل سوادين متباينين بالذات وإن لم تقتض شيئا منهما كانت موردا للمتزايلات مع أنها من حيث هي ليست موجودة فإن قلت لا استحالة في جواز تعاقب الصفات الاعتبارية عليها في زمان كونها موجودة قلت قد عرفت أنه لا استحالة في جواز تعاقب الصفات الاعتبارية عليها حال كونها معدومة ثابتة وقد يقال إن المشخصات المميزة للهويات إنما تتوارد على الماهيات المعدومة إذا خرجت إلى الوجود وأما حال العدم فلا كثرة وأيضا جاز أن تكون الماهية بشرط العدم مقتضية للوحدة فإذا وجدت زال الاقتضاء فهذه الوجوه الخمسة مسالك ضعيفة والمعتمد في إثبات هذا المطلب وجهان الأول أن القول بثبوت المعدوم في حال العدم ينفي المقدورية لأن الذوات ثابتة أزلية فلا تتعلق القدرة بالذوات أنفسها والوجود حال لأنا نثبته بدليله ثم نقول لنافي الحال من المعتزلة لو كان للقدرة تأثير لكان ذلك التأثير في الحال لكن ذلك تأثير القدرة في الحال مع أنه لا حال عندكم أمر محال أو نقول لمن أثبت الحال منهم الذوات أزلية والأحوال التي من جملتها الوجود عندكم لا تتعلق بها القدرة فإن الأحوال كما اعترفتم ليست معلومة ولا مجهولة ولا مقدورة ولا معجوزا عنها وإذا لم تتعلق القدرة بالذوات ولا بالوجود لم يكن الباري سبحانه موجدا للممكنات ولا قادرا على إيجادها وذلك كفر صريح لا يقال تأثير قدرة الله
(٢٧٠)