المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٢٦٢
الأمر الثالث لولا الوجود الذهني لم يمكن أخذ القضية الحقيقية للموضوع وهي التي حكم فيها على ما يصدق عليه في نفس الأمر الكلي الواقع عنوانا سواء كان موجودا في الخارج محققا أو مقدرا أو لا يكون موجودا فيه أصلا والتالي باطل وقد أشار إلى بيان الملازمة وبطلان التالي معا بقوله فإنا إذا قلنا الممتنع معدوم فلا نريد به أن للممتنع أي ما يصدق عليه الممتنع في الخارج معدوم فيه قطعا أي لا نريد ذلك قطعا إذ ليس في الخارج ما يصدق عليه الممتنع أصلا بل نريد به أن الأفراد المعقولة للمتنع أي ما يصدق عليها الممتنع في العقل من الأفراد المعقولة للمعدوم أي يصدق عليها في العقل بحسب نفس الأمر أنها معدومة في الخارج فلو لم يكن للممتنع أفراد معقولة موجودة في العقل لم يصدق عليها الحكم الإيجابي فلذلك قال وهذا بالحقيقة عائد إلى الأول والحاصل أن قولنا الممتنع معدوم في الخارج قضية صادقة وليست خارجية بل حقيقية مفسرة بما ذكرناه لا بما اشتهر من أن الحكم فيها على الأفراد الخارجية فقط إما محققة أو مقدرة فلولا أن يكون للممتنع أفراد موجودة في الذهن لم يصدق هذا الحكم الإيجابي في هذه القضية الحقيقية ويرد عليه أن مفهوم المعدوم أمر سلبي وقد يقال لولا الوجود الذهني لبطلت الحقيقة الموجبة الكلية كقولك كل مثلث تساوي زواياه قائمتين إذ ليس الحكم فيها مقصورا على الأفراد الخارجية بل يتناول ما عداها من الأفراد التي يصدق عليها الموضوع في نفس الأمر فلو لم يكن لما عداها وجود ذهني لم يصدق عليها حكم إيجابي واحتج نافيه وهم جمهور المتكلمين فإن بعضهم قالوا بالوجود الذهني بوجهين أحدهما لو اقتضى تصور الشيء حصوله في ذهننا لزم كون الذهن حارا باردا مستقيما معوجا لأنا إذا تصورنا الحرارة فقد حصلت الحرارة في ذهننا ولا معنى للحار إلا ما قامت به الحرارة وكذا الحال في البرودة
(٢٦٢)
مفاتيح البحث: الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»