وإثبات النبوة والرد على المنكرين أكثر من أن تحصى فكيف يقال إن الرسول والصحابة لم يخوضوا في هذه الأدلة وكانوا منكرين للخوض فيها نعم إنهم يعني الصحابة لم يدونوه أي علم الكلام كما دوناه ولم يشتغلوا بتحرير الاصطلاحات وتقرير المذاهب وتبويب المسائل وتفصيل وتلخيص السؤال والجواب كما اشتغلنا نحن بهذه الأمور ولم يبالغوا في تطويل الذيول والأذناب كما بالغنا فيه وذلك أعني ترك التدوين والاشتغال والمبالغة لاختصاصهم بصفاء النفوس وقوة الأذهان وحدة القرائح ومشاهدة الوحي المقتضية لفيضان الأنوار على قلوبهم الزكية والتمكن من مراجعة من يفيدهم ويدفع عنهم ما عسى أن يعرض لهم من شك أو شبهة كل حين من الأحيان مع متعلق بالاختصاص أي اختصوا بما ذكر مع قلة المعاندين المشككين لهم ولم تكثر الشبهات معطوف على ما قبله بحسب المعنى كأنه قيل مع أنه قل المعاندون ولم تكثر الشبهات في زمانهم كثرتها في زماننا بما حدث من الشبه في كل حين من الأحيان السالفة فاجتمع لنا بالتدريج كل ما حدث في الأعصار الماضية فاحتيج في زماننا إلى تدوين الكلام لحفظ العقائد ودفع الشبه دون زمانهم وذلك أي عدم تدوينهم الكلام كما لم يدونوا الفقه ولم يميزوا أقسامه أرباعا هي العبادات والمبايعات والمناكحات والجنايات وأبوابا وفصولا كما ميزناها كذلك ولم يتكلموا فيها أي في أقسامه ومسائله بالاصطلاح المتعارف في زماننا من النقض وهو تخلف الحكم عما جعله علة في القياس والقلب وهو تعليق ما ينافي الحكم بعلته والجمع وهو أن يجمع بين الأصل والفرع بعلة مشتركة بينهما فيصح القياس والفرق وهو أن يفرق بينهما بما يختص بأحدهما فلا يصح وتنقيح المناط وهو إسقاط ما لا مدخل له في العلية وتخريجه وهو تعيين العلة بمجرد إبداء المناسبة إلى غير ذلك من اصطلاحات الفقهاء فكما لم يلزم مما ذكرناه قدح في الفقه لم يلزم منه أيضا قدح في الكلام وبالجملة فمن البدعة ما هي حسنة هذا إشارة إلى أن قوله نعم الخ منع لكلية الكبرى القائلة كل بدعة رد وتحرير
(١٥٨)