المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ١٥٤
والحج إذ ليس تحصيل النصاب والاستطاعة واجبا وأيضا يمكن أن يناقش في مقدورية عدم المعرفة والشك فإن قلت إذا كان وجوب المعرفة مقيدا بما ذكرتم لم تكن المعرفة من قبيل الواجب المطلق فلا يلزم وجوب مقدمتها قلت وجوبها مطلق بالقياس إلى النظر وإن كان مقيدا بالقياس إلى ما ذكرنا فإن الإطلاق والتقييد مما يختلف بالإضافة ألا ترى أن وجوب الصلاة مقيد بوجوب العقل وإن لم يكن مقيدا بوجود الطهارة ومن ثم عرف الواجب المطلق بما لا يتوقف وجوبه على مقدمة وجوده من حيث هو كذلك التاسع لا نسلم أن ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب شرعا لأن الوجوب الشرعي إما خطاب الله أو مترتب عليه ويجوز أن يتعلق خطابه بشيء ولا يتعلق بما يتوقف عليه ذلك الشيء قلنا المعرفة غير مقدورة بالذات أي لا يمكن أن تتعلق بها القدرة ابتداء بل هي مقدورة بإيجاب السبب المستلزم إياها فإيجابها إيجاب لسببها المقدور الذي هو النظر وذلك كمن يؤمر بالقتل الذي هو إزهاق الروح وهو غير مقدور له بذاته فإنه أمر له بمقدوره الذي هو السبب الموجب للإزهاق وهو ضرب السيف قطعا أي هو أمر بذلك المقدور يقينا إذ لا تكليف بغير المقدور شرعا وتلخيصه أن المقدمة إذا كانت سببا للواجب أي مستلزما إياه بحيث يمتنع تخلفه عنه فإيجابه إيجاب المقدمة في الحقيقة إذ القدرة لا تتعلق إلا بها لأن القدرة على المسبب باعتبار القدرة على السبب لا بحسب ذاته فالخطاب الشرعي وإن تعلق في الظاهر بالمسبب إلا أنه يجب صرفه بالتأويل إلى السبب إذ لا تكليف إلا بالمقدور من حيث هو مقدور فإذا كلف بالمسبب كان تكليفا بإيجاد سببه لأن القدرة إنما تتعلق
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»