واجب لكنه فرض كفاية فإن الوجوب الذي ادعيناه أعم من ذلك أي من فرض الكفاية وفرض العين أيضا والحاصل أن المعرفة على وجهين أحدهما فرض عين وهو حاصل للعوام الذين قرروا على إيمانهم والآخر فرض كفاية وهو حاصل لعلماء الأعصار السابع سلمنا انعقاد الإجماع على وجوب المعرفة لكن لا نسلم أنها لا تتم إلا بالنظر كما ادعيتم بل قد تحصل المعرفة بالإلهام والتوجه التام كما قال به حكماء الهند فإنهم إذا أرادوا حصول شيء من المعرفة وغيرها صرفوا هممهم إليه وسلطوا أذهانهم عليه وانقطعوا عما يعوقهم عنه بالكلية حتى يحصل لهم مطلوبهم أو التعليم كما تقول به الملاحدة أو التصفية كما تقول به الصوفية فإنهم قالوا رياضة النفس بالمجاهدات وتجريدها عن الكدورات البشرية والعوائق الجسدية والتوجه إلى الحضرة الصمدية والتزام الخلوة والمواظبة على الذكر والطاعة تفيد العقائد الحقة التي لا تحوم حولها شائبة ريبة وأما أصحاب النظر فيعرض لهم في عقائدهم الشكوك والشبهات الناشئة من أدلة الخصم قلنا كل ذلك يحتاج إلى معونة النظر فإن القائل بالتعليم لا ينكر النظر بل يقول هو وحده لا يفيد المعرفة بل يحتاج في إفادتها إلى قول الإمام ويشبه النظر بالبصيرة بالنظر بالبصر وقول الإمام بضوء الشمس فكما أنه لا يتم الإبصار إلا بهما كذلك لا تحصل المعرفة إلا بمجموعهما والإلهام
(١٥٢)