عقيب النظر بالعادة وإنما ذهب إلى ذلك بناء على أن جميع الممكنات مستندة عنده إلى الله سبحانه ابتداء بلا واسطة وعلى أنه تعالى قادر مختار فلا يجب عنه صدور شيء منها ولا يجب عليه أيضا ولا علاقة بوجه بين الحوادث المتعاقبة إلا بإجراء العادة بخلق بعضها عقيب بعض كالاحراق عقيب مماسة النار والري بعد شرب الماء فليس للمماسة والشرب مدخل في وجود الإحراق والري بل الكل واقع بقدرته واختياره تعالى فله أن يوجد المماسة بدون الإحراق وأن يوجد الإحراق بدون المماسة وكذا الحال في سائر الأفعال وإذا تكرر صدور فعل منه وكان دائما أو أكثريا يقال إنه فعله بإجراء العادة وإذا لم يتكرر أو تكرر قليلا فهو خارق للعادة أو نادر ولا شك أن العلم بعد النظر ممكن حادث محتاج إلى مؤثر ولا مؤثر إلا الله تعالى فهو فعله الصادر عنه بلا وجوب منه ولا عليه وهو دائمي أو أكثري فيكون عاديا الثاني مذهب المعتزلة أنه أي حصول العلم بعد النظر بالتوليد وذلك أنهم لما أثبتوا لبعض الحوادث مؤثرا غير الله تعالى قالوا الفعل الصادر عنه إما بالمباشرة وإما بالتوليد ومعنى التوليد عندهم كما سيأتي أن يوجب فعل لفاعله فعلا آخر كحركة اليد والمفتاح فإن حركة اليد أوجبت لفاعلها حركة المفتاح فكلتاهما صادرتان عنه الأولى بالمباشرة والثانية بالتوليد والنظر فعل للعبد واقع بمباشرته أي بلا توسط فعل آخر منه يتولد منه فعل آخر هو العلم بالمنظور فيه وطريق الرد على المعتزلة ما سيأتي في
(١٤٣)