العلم في الهندسيات والحسابيات لأنها علوم قريبة من الأفهام متسقة منتظمة لا يقع فيها غلط دون الإلهيات فإنها بعيدة عن الأذهان جدا والغاية القصوى فيها الظن والأخذ بالأحرى والأخلق بذاته تعالى وصفاته وأفعاله واحتجوا على ذلك بوجهين الأول الحقائق الإلهية من ذاته وصفاته لا تتصور لا بالضرورة وهو ظاهر ولا بالنظر إما لأنه لا شيء من التصورات بنظري كما ذهب إليه جمع وإما لأنه إما بالحد وهو مختص بالمركب ولا تركيب في الحقائق الإلهية أو بالرسم وأنه لا يفيد العلم بالكنه والتصديق بها فرع التصور فامتنع التصديق أيضا قلنا لا نسلم أنها لا تتصور بحقائقها قطعا لجواز أن يخلق الله تعالى فينا العلم بكنه حقيقته وحقائق صفاته ابتداء أو يكون هناك لازم ينتقل الذهن منه إلى كنه حقائقها فإنه غير ممتنع وإن لم يكن الانتقال من اللازم إلى كنه الملزوم أمرا كليا وان سلم أنها لا تتصور بالكنه أصلا فيكفي للتصديق اليقيني تصورها يعارض ما وهو حاصل بلا شبهة ثم هذا الذي ذكر تموه يلزمكم في الظن لأنه أيضا تصديق متفرع على التصور فيجب أن لا يكون حاصلا في الإلهيات فما هو جوابكم فهو بعينه جوابنا الوجه الثاني أقرب الأشياء إلى الإنسان وأولاها بأن يكون معلوما له بحقيقته وأحواله هويته التي يشير إليها بقوله أنا وإنها غير معلومة لا من حيث التصديق بوجودها فإنه بديهي لا خلاف فيه بل من حيث تصورها بكنهها ومن حيث التصديق بأحوالها من كونها عرضا أو جوهرا مجردا أو
(١٣٩)