المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ١٤٥
التذكر لئلا يلزم تحصيل الحاصل عدم توليد ابتداء النظر الذي لا يلزمه هذا المحال الثالث مذهب الحكماء أنه بسبيل الإعداد فإن المبدأ الذي تستند إليه الحوادث في عالمنا هذا موجب عندهم عام الفيض ويتوقف حصول الفيض منه على استعداد خاص يستدعيه أي ذلك الفيض والاختلاف في الفيض إنما هو بحسب اختلاف استعدادات القوابل فالنظر يعد الذهن إعدادا تاما والنتيجة تفيض عليه من ذلك المبدأ وجوبا أي لزوما عقليا وههنا مذهب آخر اختاره الإمام الرازي وهو أنه يعني العلم الحاصل عقيب النظر واجب لازم حصوله عقيبة عقلا غير متولد منه قيل أخذ هذا المذهب من القاضي الباقلاني وإمام الحرمين حيث قالا باستلزام النظر للعلم على سبيل الوجوب من غير توليد ورد بأن مرادهما الوجوب العادي دون العقلي أما وجوبه عقلا فلأنا نعلم ضرورة وبديهة أن من علم أن العالم متغير وكل متغير حادث واجتمع في ذهنه هاتان المقدمتان على هذه الهيئة امتنع أن لا يعلم أن العالم حادث وهذا الاستدلال جار في سائر الأشكال والأقيسة إذا اعتبرت مأخوذة مع ما يحتاج إليه من بياناتها وإما أنه غير متولد من النظر فلاستناد جميع الممكنات والحوادث إلى الله تعالى ابتداء ابتداء فيكون العلم عقيب النظر واقعا بقدرته لا بقدرة العبد وهذا المذهب لا يصح مع القول باستناد الجميع إلى الله ابتداء وكونه قادرا مختارا وأنه ومع القول بأنه لا يجب على الله شيء إذ لا وجوب عن الله كما تزعمه الحكماء القائلون بأنه موجب لا مختار ولا وجوب عليه أيضا كما تزعمه المعتزلة وإنما يصح إذا حذف قيد الابتداء في استناد الأشياء إلى الله سبحانه وجوز أن يكون لبعض آثاره مدخل في بعض بحيث يمتنع تخلفه عنه عقلا فيكون بعضها متولدا عن بعض وإن كان الكل واقعا بقدرته كما تقول المعتزلة في أفعال العباد الصادرة عنهم بقدرتهم ووجوب بعض الأفعال
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»