درر السمط في خبر السبط - ابن الأبار - الصفحة ٤٣
الحسين لم يصدروا عن موقف شيعي إنما كتبوا ما كتبوه ونظموا ما نظموه عن الحسين رجاء شفاعة جده يوم الحساب (1).
ويبدو أن أكثر أدب البكاء قد جاء عن رجال عاشوا في شرق الأندلس أو هاجروا منه. وهذه ظاهرة تؤكد الترابط والتلازم بين أدب البكاء وخيبة الآمال الفردية والقصور عن تحقيق المطامع الذاتية من جهة، والعجز عن الدفاع عن الأوطان من جهة أخرى.
وذلك لأن كثيرا من علماء العصر قد كانوا من شرق الأندلس، فأرادوا أن يحتلوا الصدارة في دول عصرهم فلم تسعفهم ظروفهم، في وقت قد اشتد العدوان على شرق الأندلس واشتد الدفاع عنه، ولم يغن هذا الدفاع ذوي المطامع والآمال عن الهجرة إلى مراكز السلطان.
ومع الدور الرابع، الذي يبدأ بانحلال دولة الموحدين وضياع أكثر مدن الأندلس وهجرة أغلب أهله، يتأكد الاتجاهان اللذان برزا في القرن السادس: التصوف بين العامة والتوسل إلى الرسول بين الخاصة وإرسال القصائد إلى الروضة الشريفة وبكاء آل البيت وخاصة الحسين. ولعل الدليل على غلبة تيار المدائح النبوية وأدب البكاء في أدب أهل الأندلس في فترة الضياع تلك أن شاعرا يهوديا مثل أبي إسحاق إبراهيم بن سهل الإسرائيلي (ت 649 ه‍.) قد نظم قصيدة في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) قبل إسلامه (2). ومن ثم فقد كثر أدب المدائح النبوية وبكاء آل البيت

(١) هذا هو رأي ابن رشيد عن مثل هذا الأدب (انظر ملء العيبة ٤٢ أ - ٤٢ ب).
(٢) انظر رواية ابن الأبار عند ابن شاكر في فوات الوفيات 1: 2، وانظر قصيدة في نفح الطيب (الأزهرية) 4: 447 وعن قضية إسلام ابن سهل راجع مقدمة الدكتور إحسان لديوان ابن سهل.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست