السنة والقدرية يتجاذبونها كل يدعي أنها حجة له على ما ذهب إليه ووجه احتجاجهم بها أن القدرية يقلون أن الحسنة ها هنا هي الطاعة والسيئة هي المعصية قالوا وقد نسب المعصية في قوله وما أصابك من سيئة فمن نفسك إلى الانسان دون الله تعالى فهذا وجه تعلقهم بها ووجه تعلق الآخرين منها قوله تعالى قل كل من عند الله قالوا فقد أضاف الحسنة والسيئة إلى نفسه دون خلقه وهذه الآية إنما يتعلق بها الجهال والعوام من الفريقين جميعا لأنهم بنوا ذلك على أن السيئة هي المعصية ههنا وليست كذلك الله أعلم والقدرية إن قالوا ما أصابك من حسنة أي من طاعة فمن الله ليس هذا اعتقادهم لأن اعتقادهم الذي بنوا عليه مذهبهم أن الحسنة فعل المحسن والسيئة فعل المسئ وأيضا لو كان لهم فيها حجة لكان يقول ما أصبت من حسنة وما أصبت من سيئة لأنه الفاعل للحسنة والسيئة جميعا ولا يضافان إليه إلا بفعله لهما ولا يفعل غيره إنما الحسنة والسيئة في هذه الآية ما ذكره المفسرون للآية قالوا الحسنة ها هنا الخصب والسيئة الجدب وقيل الحسنة السلامة والأمن والسيئة الأمراض والخوف وقيل الحسنة الغنى والسيئة الفقر وقيل الحسنة النعمة والفتح والغنيمة يوم بدر والسيئة البلية والشدة وهي القتل والهزيمة يوم أحد قوله يقولوا هذه من عندك يا محمد أي بسوء تدبيرك وهو قول ابن عباس رضي الله عنه
(٥١)