فسمى ما قدر كونه وينتظر وقوعه، وإن بعد وقته باسم غد، وهو ثاني يومك لأن مرور الأوقات يدنيه. وفي التنزيل (سيعلمون غدا من الكذاب الأشر) وهذا وشبهه متصرف في أكثر كلام العرب، ولهذا أخرجوا المستقبل من الأفعال التي وقع الوعد به مخرج به الماضي الذي قد تصرم وقته كما قال الله عز وجل (ونادى أصحاب الجنة)، (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد).
وسمعت (إبراهيم بن محمد بن عرفة) يقول في قوله عز وجل:
(أتى أمر الله فلا تستعجلوه) إن معناه أتى أمر الله وعدا فلا تستعجلوه وقوعا.
ومن كلام العرب إذا بالغوه في شدة السعي وقوة الحركة: جاءنا زيد أسرع من الريح وأسرع من البرق. ورأينا فلانا يطير.
ومعلوم أن الإنسان لا يباري الريح والبرق ولا يقدر على الطيران، وإنما يراد به الخفة وسرعة الحركة.
ويقال في أمثالهم (جاء فلان قبل عير وما جرى) يريدون السرعة أي قبل لحظة العين - والعير بالراء: إنسان العين.
وفسر بيت الحارث بن حلزة:
زعموا أن كل من ضرب العير * موال لنا وأنى الولاء