بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة لا يخفي ما للحافظ ابن عساكر من شهرة واسعة بفضل مكانته الرفيعة وتأليفه العظيمة وطول باعه في العلم، شهد له كتاب الموسوعي (تاريخ مدينة دمشق) الذي جمع مادة علمية غزيرة لا تتصل بتاريخ هذه المدينة وحسب بل وتمد خيوطا وشيجة نحو تراث الأمة الذي تصب كثير من روافده عنده، ولا عجب في ذلك، فهو حافظ متقن ورحالة مسند وعالم متميز أخذ عن أجلة الشيوخ.
وكتابه (الأربعين البلدانية) هذا يدل على تمكن الرجل وسعة علمه: فقد جمع فيه أربعين حديثا عن أربعين شيخا من أربعين بلدة لأربعين صحابيا في أربعين موضوعا.
وقد بدأ كتابه بمقدمة قيمة جعلها في موضوع فضل جمع أربعين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم شفعها ببيان طرق الحديث ودرجته مع ذكر أشهر من سبقه إلى الاهتمام بجمع الأربعينات. ثم بدأ الكتاب بالمنهج الذي رسمه في مقدمته.
ولهذا فالكتاب طريف في فكرته من جهة تنوع أحاديثه، مسبوق إلى مثله من ناحية اهتمامه بالأربعين من الأحاديث. وهو إلى ذلك يدل على سعة علم ابن عساكر، خرجه في منهجية تفيد في علم الحديث وعلم التاريخ، وتعطي صورة عن حرص علماء السلف على العلم وعلى الرحلة ولقاء الشيوخ.