طلب العلم. يقول ابن الجوزي في ذلك: ولقد كنت في حلاوة العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجو، كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث وأقعد على نهر عيسى فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء، فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة العلم (1).
أما ابن عساكر فإنه بعد أن تلقى العلم والحديث على كبار علماء بلدته دمشق، وأجازوا له، عقد العزم على الرحلة للقاء الشيوخ ولتحصيل الاسناد، والاجزاء الحديثية، وجمع طرق الأحاديث ومناظرة الرواة، فقد رحل رحلته وغيرها من الفوائد الكثيرة، وهي سنة علماء الحديث وطلابه، فقد رحل رحلته الأولى إلى بغداد سنة 520 ه، وحج سنة 521 ه، واستمر في هذه الرحلة خمس سنوات.
وفي رحلته الثانية والتي استمرت أربع سنوات قصد خراسان، للقاء كبا علمائها، ومنهم أبو عبد الله الفراوي في نيسابور، يقول عن ذلك:
(وإلى الإمام محمد الفراوي كانت رحلتي الثانية لأنه كان المقصود بالرحلة في تلك الناحية لما اجتمع فيه من علو الاسناد ووفور العلم) (2).
أهمية الكتاب أراد ابن عساكر أن يكون من الذين ورد في حقهم حديث: من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله فقيها وكنت له يوم القيامة شفيعا وشهيدا (3)، ولذلك فقد ألف عددا من الكتب التي تختص بالأربعين حديثا.