قال الحافظ أبو المواهب بن صصرى:
لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه، من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة، من لزوم الجماعة في الخمس في الصف الأول إلا من عذر، والاعتكاف في رمضان وعشر ذي الحجة، وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه، وقلة التفاته إلى الامراء ء وأخذ نفسه بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم. قال لي: لما عزمت على التحديث والله المطلع أنه ما حملني على ذلك حب الرئاسة والتقدم، بل قلت: متى أروي كل ما قد سمعته، وأي فائدة في كوني أخلفه بعدي صحائف؟ فاستخرت الله واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد وطفت عليهم فكل قال: ومن أحق بهذا منك؟ فشرعت في ذلك سنة ثلاث وثلاثين (وخمس مئة) (1).
قال السمعاني: أبو القاسم كثير العلم، غزير الفضل، حافظ متقن، دين خير حسن السمت، جمع بين معرفة المتون والأسانيد، صحيح القراءة، متثبت محتاط جمع ما لم يجمعه غيره، وأربى على أقرانه، دخل نيسابور قبلي بشهر وسمع مني، وسمعت منه (معجمه) وحصل لي بدمشق نسخة به، وكان قد شرع في (التاريخ الكبير لدمشق). ثم كانت كتبه تصل إلى، وأنفذ جوابها (2).
شعره ومما نظمه ابن عساكر قوله (3): (من المتقارب) أيا نفس ويحك جاء المشيب * فماذا التصابي وماذا الغزل تولى شبابي كان لم يكن * وجاء مشيبي كان لم يزل