جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٢٣
الله صلى الله عليه وسلم وخوف الاشتغال عن تدبر السنن والقرآن لأن المكثر لا تكاد تراه إلا غيره متدبر ولا متفقه وذكر مسلم بن الحجاج في كتاب التمييز قال حدثنا الفضل بن موسى قال حدثنا الحسين بن واقد الرديني بن أبي مجلز عن أبيه عن قيس ابن عباد قال سمعت عمر بن الخطاب يقول من سمع حديثا فأداه كما سمع فقد سلم ومما يدل على هذا ما قد ذكرناه فيما يروي عن عمر انه كان يقول تعلموا الفرائض والسنة كما تتعلمون القرآن فسوي بينهما وحدثنا سعيد حدثنا قاسم حدثنا ابن وضاح قال حدثنا موسى قال حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن عاصم الأحول عن مورق العجلي قال كتب عمر تعلموا السنة والفرائض واللحن كما تتعلمون القرآن رواه ابن وهب عن ابن مهدي بإسناد مثله وحدثنا أحمد قال حدثني أبي حدثنا عبد الله حدثنا بقي أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن مورق عن عمر مثله قالوا اللحن معرفة وجوه الكلام وتصرفه والحجة به وعمر هو الناشد للناس في غير موقف بل في مواقف شتى من عنده علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا نحو ما ذكره مالك وغيره عنه في توريث المرأة من دية زوجها وفي الجنين يسقط ميتا عند ضرب بطن أمه وغير ذلك مما لو ذكرناه طال به كتابنا وخرجنا عن حد ماله قصدنا وكيف يتوهم على عمر ما توهمه الذين ذكرنا قولهم وهو القائل إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها وقد ذكرنا هذا الخبر بإسناده عن عمر في بابه من كتابنا هذا وعمر أيضا هو القائل خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وهو القائل سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله حدثنا أحمد بن قاسم ومحمد بن عبد الله قالا حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن الأشج أن عمر بن الخطاب قال سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله عز وجل وقد يحتمل عندي أن تكون الآثار كلها عن عمر صحيحة متفقة ويخرج معناها على أن من شك في شيء تركه ومن حفظ شيئا وأتقنه جاز له أن يحدث به وإن كان الاكثار يحمل الإنسان على التقحم في أن يحدث بكل ما سمع من جيد ورديء وغث وثمين وقد قال رسول
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»