الكافي - ابن عبد البر - الصفحة ١٦
إذا كان حاله ما وصفنا وقد كان بعض أصحاب مالك يرى لمن توضأ بهذا الماء وان لم يتغير أن يتيمم فيجمع بين الطهارتين احتياطا فإن لم يفعل وصلى بذلك الوضوء أجزأه فهذا كله يدلك على أن أقوالهم في ذلك خرجت على الاستحباب لا على التحريم والايجاب وذهب المصريون من أصحاب مالك إلى أن الماء القليل يفسد بقليل النجاسة والماء الكثير لا يفسده إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ولم يحدوا في ذلك حدا يجعلونه فرقا بين القليل والكثير ولم يوجبوا الإعادة على من توضأ بما حلت فيه نجاسة ولم تغيره ان كان يسيرا إلا في الوقت خاصة فدل أيضا على أن ذلك منهم استحباب وذهب إسماعيل بن إسحاق القاضي ومن تبعه من المالكيين البغداديين إلى القول الأول لعموم قول الله عز وجل وأنرلنا من السماء ماء طهورا الفرقان ويكون بمعنى ما طهر غيره مثل الضروب والقئول وشبهه وقال عز وجل وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به الأنفال ولم يفرق مالك وأصحابه بين الماء تقع فيه النجاسة وبين النجاسة يرد الماء عليها راكدا كان الماء أو غير راكد يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شئ وقد روي لا ينجسه شئ إلا ما غلب عليه فغير طعمه أو ريحه أو لونه ويكره سؤر النصراني وسائر الكفار والمدمن خمرا وما اكل الجيف ومن توضأ بسؤرها فلا شئ عليه حتى يستيقن النجاسة والماء حيث ما وجد صافيا غير مضاف فهو على طهارته حتى يصح أنه قد حلت فيه نجاسة وتغير الماء بالطين والحمأة فهو على طهارته حتى يصح أنه قد حلت فيه نجاسة وتغير الماء مما لا دم له سائل كالعقرب والذباب والخنافس والجنادب والزنبور وبنات وردان والجراد فلا يضر الماء ان لم يغير ريحه فان أنتن لم يتوضأ به وكذلك ما كان له دم سائل من دواب الماء كالحوت والضفدع لم يفسد ذلك الماء موته فيه إلا أن تتغير رائحته فإن تغيرت رائحته أو أنتن لم يجز التطهر به ولا الوضوء منه وليس بنجس عند مالك والماء المستعمل طاهر إذا كانت أعضاء المتوضئ به طاهرة إلا أن مالكا وجماعة من الفقهاء الجلة كانوا يكرهون الوضوء به وقال مالك رحمه الله لا خير فيه ولا أحب لأحد أن يتوضأ به فإن فعل وصلى لم أر عليه إعادة الصلاة وليتوضألما
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»