الكافي - ابن عبد البر - الصفحة ١٥
ما ذكرت لك وقد أجمعوا على الغسل في الرجل يطأ الصغيرة إذا أولج فيها وان لم ينزل ومن خرج منه المنى من غير لذة ولا شهوة فلا غسل عليه وعليه الوضوء إلا أن يكون سلسا فيكون حكمه ما تقدم ذكره ومتى اغتسل لالتقاء الختانين وصلى ثم خرج منه الماء الدافق فقد اختلف في ذلك عن مالك وأصحابه فقيل لا غسل عليه وانما عليه الوضوء لا غير وهو تحصيل المذهب وقيل عليه الغسل وهو الأحوط ولا إعادة عليه لما صلى باب حكم الماء وما ينجسه وما يفسده الماء نوعان جار وراكد فالجارى إذا وقعت فيه نجاسة جرى بها فما بعدها منه طاهر والراكد على ضربين إذا كان طاهرا أحدهما ماء يحل به التطهر للصلاة وتطهر به النجاسة وهوالطاهر المطهر والآخر ماء طاهر جائز شربه ولا يجوز التطهر به للصلاة ولا يغسل به نجاسة فهو طاهر غير مطهر فأما الطاهر المطهر الذي يجوز به الوضوء وتغسل به النجاسات فهو الماء القراح الصافي مثل ماء السماء والأنهار والبحار والعيون والآبار وما عرفه الناس ماء مطلقا غير مضاف إلى شئ خالطه كما خلقه الله عز وجل صافيا ولا يضره لون أرضه وأما الماء الطاهر الذي لا يتطهر به فهو ماء أضيف شئ من الأشياء الطاهرة تخالطه أو باستخراج حتى غير ذلك الشيء اسمه ولونه وطعمه وريحه مثل ماء بل فيه خبز أو نقع فيه تين أو زيت أو تمر أو جلد أو مسه زعفران أو زيت أو ماء ورد أو عصارة شئ أو غير ذلك مما غير منه طعما أو لونا أو رائحة وغلب عليه فإذا كان شئ من ذلك فقد حرم الوضوء بذلك الماء والتطهر به وصار في حكم المرق لا في حكم الماء وأما شربه فحلال وما خالط الماء عندهم مما سواه فغلب عليه صار الحكم له لا للماء فإن غلب الماء كان الحكم للماء لا له فإن وقع في الماء شئ من النجاسة فغير لونه أو طعمه أو ريحه فهو حرام لا يحل شربه ولا قربه ولا استعماله في شئ يحتاج إلى طهارة وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء فإن سقطت في الماء نجاسة أو مات فيه حيوان فلم يغير لونه ولا طعمه ولا ريحه فهو طاهر مطهر وسواء كان الماء قليلا أو كثيرا عند المدنيين واستتحب بعضهم أن ينزح من ذلك الماء ان كان في بئر أو نحوها دلاء لتطيب النفس عليه ولا يحدون في الدلاء حدا لا يتعدى ويكرهون استعمال ذلك الماء قبل نزح الدلاء فإن استعمله أحد في غسل أو وضوء جاز
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»