يقول أيها الناس إلى أين أيها الناس أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله وأمر العباس وكان جهير الصوت أن ينادي يا معشر الأنصار يا أصحاب الشجرة وبعضهم يرويه يا أصحاب السمرة وقد قيل إنه نادى يومئذ يا معشر المهاجرين كما نادى يا معشر الأنصار فلما سمعوا الصوت أجابوا لبيك لبيك وكانت الدعوة أولا يا للأنصار ثم خصصت بأخرة يا للخزرج قال ابن شهاب وكانوا أصبر عند الحروب فلما ذهبوا ليرجعوا كان الرجل منهم لا يستطيع أن ينفذ ببعيره لكثرة الأعراب المنهزمين فكان يأخذ درعه فيلبسها ويأخذ سيفه ومجنه ويقتحم عن بعيره ويخلي سبيله ويكر راجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا اجتمع حواليه صلى الله عليه وسلم مائة رجل أو نحوهم استقبلوا هوازن بالضرب واشتدت الحرب وكثر الطعن والجلاد فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه فنظر إلى مجتلد القوم فقال الآن حمي الوطيس وضرب علي بن أبي طالب عرقوب جمل صاحب الراية أو فرسه فصرعه ولحق به رجل من الأنصار فاشتركا في قتله وأخذ علي الراية وقذف الله عز وجل في قلوب هوازن الرعب حين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ واجههم وواجهوه صاح بهم صيحة ورمى في وجوههم بالحصا فلم يملكوا أنفسهم وفي ذلك يقول الله عز وجل * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * وروينا من وجوه عن بعض من أسلم من المشركين ممن شهد حنينا قال وقد سئل عن يوم حنين لقينا المسلمين فيما لبثنا أن هزمناهم وأتبعناهم حتى وصلنا إلى رجل راكب على بغلة بيضاء فلما رآنا زجرنا زجرة وانتهزنا وأخذ بكفه حصا أو ترابا فرمانا به وقال شاهت الوجوه شاهت الوجوه فلم تبق عين إلا دخلها من ذلك فما ملكنا أنفسنا أن رجعنا على أعقابنا
(٢٢٦)