التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ٨٣
لم يختلف الرواة عن مالك في إسناد هذا الحديث ومتنه إلا أن أكثر الرواة عن مالك يقولون فيه من حلف على منبري هذا بيمين آثمة كذا قال ابن بكير وابن القاسم والقعنبي وغيرهم وقال يحيى من حلف على منبري آثما والمعنى واحد وفيه اشتراط الإثم فالوعيد لا يقع إلا مع تعمد الإثم في اليمين واقتطاع حق المسلم بها وهذا المعنى موجود في هذا الحديث وفي حديث العلاء على ما مضى في بابه من هذا الكتاب ومذهبنا في الوعيد أنه غير نافذ في هذا وفي كل ما أوعد الله أهل الإيمان عليه النار والعذاب فإن الله بالخيار في عبده المذنب إن شاء أن يغفر له غفر (5) وإن شاء أن يعذبه عذبه لقول الله عز وجل * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * 6 والتوبة تمحو السيئات كلها كفرا كانت أو غير ذلك قال الله عز وجل * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * (7) إلا أن حقوق الآدميين لا بد فيها من القصاص بالحسنات والسيئات وقد بينا هذا المعنى في غير موضع من كتابنا (هذا) (8) والحمد لله وأما اليمين على منبر النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من المنابر فقد اختلف العلماء في ذلك فذهب ذاهبون إلى أن اليمين عند المنبر وفي الجامع لا يكون في أقل من ربع دينار أو ثلاثة دراهم فإذا (9) كان ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو قيمة ذلك عرضا فما زاد كانت اليمين فيه في مقطع الحق بالجامع من ذلك البلد وهذه جملة مذهب مالك قال مالك يحلف المسلم في
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»