التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ١٨٨
205 لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر موالي بريرة بإعطائها مما قبضوا شيئا وإن كانوا قد باعوها للعتق واختلف أهل العلم في معنى قول الله عز وجل * (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) * فذهبت طائفة من أهل العلم وهو قول بعض أهل النظر من متأخري أصحاب الشافعي إلى أن قوله عز وجل * (وآتوهم من مال الله) * لم يرد به سيدي المكاتبين وإنما هو خطاب عام للناس مقصود به إلى من آتاه الله مالا تجب فيه زكاة فأعلم الله عباده أن وضع الزكاة في العبد المكاتب جائز وإن كان لا يؤمن عليه العجز وخصه من بين سائر العبيد بذلك فجعل للمكاتبين حقا في الزكوات بقوله * (وفي الرقاب) * 206 قالوا وهذا هو الوجه الذي يجب الاعتماد عليه في الإيتاء المذكور في الآية لأن وضع بعض الكتابة لا تسميه العرب إيتاء والإيتاء هو إعطاء ما تتناوله الأيدي بالدفع والقبض هذا هو المعروف عند أهل اللسان قالوا (207) ولو أراد الوضع عن المكاتب لقال ضعوا عنهم أو فأعينوهم (208) به بل هو من مال غير الكتابة ومعروف في نظام (209) القرآن أن يسبق بضمير على غيره كما قال * (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن) * 210 والمأمور بترك العضل الأولياء لا المطلقون ومثله قوله * (أولئك مبرؤون مما يقولون) * 211 والمبرؤون غير القائلين وهذا كثير في القرآن
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»