التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ١٨٧
وأما أمر الله عز وجل باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم جاز أن يقال لكل حكم حكم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم الله وقضاؤه ألا ترى إلى حديث الزهري عن عبيد الله عن أبي هريرة وزاد ابن خالد الجهني في الرجلين اللذين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما المائة شاة والخادم فرد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام فقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقضي بينهما بكتاب الله وهو صادق في قوله صلى الله عليه وسلم وليس في كتاب الله أن على الزاني والزانية نفي سنة مع الجلد ولا فيه أن على الثيب الرجم وهذه الأحكام كلها إنما هي في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه أيضا دليل على أن الشروط وإن كثرت حتى تبلغ مائة شرط أو أكثر أنها جائز اشتراطها إذا كانت جائزة لا يردها كتاب ولا سنة ولا ما كان في معناهما ألا ترى إلى قوله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرطه أوثق وإنما الولاء لمن أعتق وفي قوله إنما الولاء لمن أعتق نفي ان يكون الولاء إلا لمعتق وذلك ينفي أن يكون لمن أسلم على يديه ولاء أو للملتقط ولاء وأن يوالي أحد أحدا بغير عتاقة وقوله لمن أعتق يدخل فيه الذكر والأنثى والواحد والجميع لأن من يصلح لذلك كله إلا أن النساء ليس لهن من الولاء إلا ولاء من أعتقن أو عتيقه وقد ذكرنا كثيرا من أحكام الولاء مستوعبة ممهدة في باب ربيعة من هذا الكتاب فلا وجه لتكرير ذلك ههنا وفيه أيضا دلالة على أن المكاتب إذا بيع للعتق برضى منه بعد الكتابة وقبض بائعه لم يجب عليه أن يعطيه من ثمنه شيئا وسواء باعه لعتق أو لغير عتق وليس ذلك كالسيد يؤدي مكاتبه إليه كتابته فيؤتيه منها أو يضع عنه من آخرها نجما أو ما شاء على ما أمر الله عز وجل به في قوله * (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) *
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»