التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ١٠٧
عليها ذلك فأجابها بجواب يدل على أنها كانت تميز انفصال دم حيضها من دم استحاضتها فلهذا قال لها إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغتسلي وصلي وهذا نص صحيح في أن الحائض تترك الصلاة ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب أثبت منه من جهة نقل الآحاد العدول والأمة مجمعة على ذلك وعلى أن الحائض بعد طهرها لا تقضي صلاة أيام حيضتها لا خلاف في ذلك بين علماء المسلمين فلزمت حجته وارتفع القول فيه وقد روى أبو قلابة وقتادة جميعا عن معاذة العدوية عن عائشة أن امرأة سألتها أتقضي الحائض الصلاة فقالت لها عائشة أحرورية أنت قد كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نطهر فلا نؤمر بقضاء الصلاة وزاد بعضهم ونؤمر بقضاء الصوم وهذا إجماع أن الحائض لا تصوم في أيام حيضتها وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة لا خلاف في شيء من ذلك والحمد لله وما أجمع المسلمون عليه فهو الحق والخبر القاطع للعذر وقال الله عز وجل * (ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) * 35 والمؤمنون هنا الإجماع لأن الخلاف لا يكون معه اتباع غير سبيل المؤمنين لأن بعض المؤمنين مؤمنون وقد اتبع المتبع سبيلهم وهذا واضح يغني عن القول فيه وأما قوله فإذا أدبرت الحيضة فاغسلي عنك الدم وصلي في رواية مالك فقد فسره غيره ممن ذكرنا روايته ههنا وهو أن تغتسل عند إدبار حيضتها واقبال دم استحاضتها كما تغتسل الحائض عند رؤية طهرها سواء لأن المستحاضة طاهر ودمها دم عرق كدم جرح سواء فيلزمها عند انقطاع دم حيضتها الاغتسال كما يلزم الطاهر التي ترى دما
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»