التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ١٠٨
وفي هذا الحديث دليل على أن المستحاضة لا يلزمها غير ذلك الغسل لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بغيره وفيه رد لقول من رأى عليها الغسل لكل صلاة ورد لقول من رأى عليها الجمع بين الظهر والعصر بغسل واحد والمغرب والعشاء بغسل واحد وتغتسل للصبح لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بشيء من ذلك في هذا الحديث وهو أصح حديث روي في هذا الباب وهو رد لقول من قال بالاستظهار يومين أو ثلاثا أو أقل أو أكثر وقد استدل بعض من يرى الاستظهار من أصحابنا بقوله عليه السلام في هذا الحديث فإذا ذهب قدرها قال لأن قدر الحيض قد يزيد مرة وينقص أخرى فلهذا رأى مالك الاستظهار ثلاثة أيام ليستبين فيها انقضاء دم الحيض من دم الاستحاضة واقتصر على القضاء ثلاثة أيام استدلالا بحديث المصراة (36) إذ حد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام في انفصال اللبن (37) وقال غيره ممن يخالفه في الاستظهار معنى قوله فإذا ذهب قدرها تقول إذا ذهبت وأدبرت وخرج وقتها ولم يكن في تقديرك أنه بقي شيء منه فاغتسلي حينئذ ولا تمكثي وأنت غير حائض دون غسل ودون صلاة قال ومحال أن يأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي قد ذهبت حيضتها أن تترك الصلاة ثلاثة أيام لأنتظار حيض يجيء أو لا يجيء ومعنى قوله فإذا ذهب قدرها لا يخلو من أن يكون أراد انقضاء أيام حيضتها أو انفصال دم حيضتها من دم استحاضتها وأي ذلك كان فقد امرها أن تغتسل وتصلي ولم يأمرها باستظهار ولو كان واجبا عليها لأمرها به قالوا والسنة تنفي الاستظهار لأن دم نجاسة جائز أن يكون استحاضة وجائز أن يكون حيضا والصلاة فرض بيقين فلا يجوز لامرأة أن تدع الصلاة حتى تستيقن أنها حائض
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»