التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ٩٦
بالاغتسال كما أمر المتوضئ بغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ولم يكن بد للمتوضئ من إمرار يديه مع الماء على وجهه وعلى يديه فكذلك جميع جسد الجنب ورأسه في حكم وجه المتوضئ وحكم يديه وهذا قول المزني واختياره وفي بعض روايات حديث ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل جسده من الجنابة وقال أبو الفرج وهذا هو المعقول من لفظ الغسل لأن الاغتسال في اللغة هو الافتعال ومتى لم يمر يديه فلم يفعل غير صب الماء ولا يسميه أهل اللسان غاسلا بل يسمونه صابا للماء ومنغمسا فيه قال وعلى نحو ذلك جاءت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تحت كل شعرة جنابة فبلوا واغسلوا الشعر وأنقوا البشرة (14) قال وإنقاؤه والله أعلم لا يكون إلا لمتبعه على حد ما ذكرناه قال أبو الفرج وتخريج هذا عندي والله أعلم أنه لما كان المعتاد من المنغمس في الماء وصابه عليه أنهما لا يكادان يسلمان من تنكب الماء مواضع المبالغة المأمور بها وجب لذلك عليهما أن يمرا أيديهما قال فأما إن طال مكث الإنسان في ماء أو والى بين صبه عليه من غير أن يمر يديه على بدنه فإنه ينوب له عن إمرار يديه قال وإلى هذا المعنى والله أعلم ذهب مالك رحمه الله هذا كله قول أبي الفرج وقد عاد إلى جواز الغسل للمنغمس في الماء إذا أسبغ وعم وعلى ذلك جماعة الفقهاء وجمهور العلماء وقد روي ذلك عن مالك أيضا نصا أخبرنا أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا مسلمة بن القاسم قال حدثنا محمد بن زبان قال حدثنا سلمة بن شبيب قال حدثنا مروان بن محمد قال سألت مالك بن أنس عن رجل اغتمس في ماء وهو جنب ولم يتوضأ وصلى
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»