التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢١ - الصفحة ٧٠
خلاف بين المسلمين أن صلاة الليل ليس فيها حد محدود وأنها نافلة وفعل خير وعمل بر فمن شاء استقل ومن شاء استكثر وأما قوله يصلي أربعا ثم يصلي أربعا ثم يصلي ثلاثا فذهب قوم (إلى) (92) أن الأربع لم يكن بينها سلام وقال بعضهم ولا جلوس إلا في آخرها وذهب فقهاء الحجاز وجماعة من أهل العراق إلى أن الجلوس كان منها في كل مثنى والتسليم أيضا ومن ذهب هذا المذهب كان معنى قوله في هذا الحديث عنده أربعا يعني في الطول والحسن وترتيب القراءة ونحو ذلك ودليلهم على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى (93) لأنه محال أن يأمر بشيء ويفعل خلافه صلى الله عليه وسلم وقد مضى ما للعلماء من المذاهب والأقوال في صلاة الليل وما نزعوا به في ذلك من الآثار والاعتلال في باب ابن شهاب ونافع من هذا الكتاب (94) ومضى في باب نافع أيضا اختلافهم في الوتر بواحدة وبثلاث (95) وبما زاد فلا معنى لتكرير (96) ذلك ههنا واختصار اختلافهم في صلاة التطوع بالليل أن مالكا والشافعي وابن أبي ليلى وأبا يوسف ومحمدا والليث بن سعد قالوا صلاة الليل مثنى مثنى تقتضي الجلوس والتسليم في كل اثنتين ألا ترى أنه لا يقال صلاة الظهر مثنى لما كانت الأخريان (97) مضمنتين بالأوليين ولأنه قد روي في حديث عائشة هذا من رواية عروة عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في كل ركعتين منها وقد ذكرنا من روى ذلك من باب ابن شهاب
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»