التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢١ - الصفحة ١٠٥
ذلك ولأن الله عز وجل قد أمرهم أن لا يتقدموا بين يدي الله ورسوله وهذا على عمومه في الصلاة والفتوى والأمور كلها ألا ترى إلى قول أبي بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضيلة الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجهلها مسلم ولا يلحقها أحد وأما سائر الناس فلا ضرورة بهم إلى ذلك لأن الأول والثاني سواء ما لم يكن عذر ولو صلى أبو بكر (17) بهم تمام الصلاة لجاز لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك أن تثبت إذ أمرتك وفي هذا دليل على أنه لولا أنه أمره ما قال له ما منعك أن تثبت وفي هذا (18) ما يدلك على أنهم قد كانوا عرفوا منه ما يدل على خصوصه في ذلك والله أعلم وموضع الخصوص من هذا الحديث هو استئخار الإمام لغيره من غير حدث يقطع عليه صلاته وأمالوا تأخر بعد حدث (19) وقدم غيره لم يكن بذلك بأس بل في هذا الحديث دليل عليه للعلة التي ذكرنا فكذلك كل علة تمنع من تماديه في صلاته وقد روى عيسى عن ابن القاسم في رجل أم قوما فصلى بهم ركعة ثم أحدث فخرج وقدم رجلا ثم توضأ وانصرف فأخرج الذي قدمه وتقدم هل تجزئ عنهم صلاتهم فقال قد جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاء وأبو بكر يصلي بالناس فسبح الناس بأبي بكر فتأخر وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرى أن يصلي بهم بقية صلاتهم ثم يجلسون حتى يتم هو لنفسه ثم يسلم ويسلمون قال عيسى قلت لابن القاسم فلو ذكر قبيح ما صنع بعد أن صلى ركعة قال يخرج ويقدم الذي أخرج قلت فإن لم يجده قال فليقدم غيره ممن أدرك الصلاة كلها
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»