التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٩ - الصفحة ٨٢
لا يتهم في نفسه وماله لأن ولده هبة له كسائر ماله قال الله عز وجل * (هب لي من لدنك ذرية طيبة) * 26 قال * (ووهبنا له إسحاق) * 27 وليس غير الأب من الأولياء كذلك فلا يجوز لغير الأب أن يزوج وليته إلا بأمرها (قال صلى الله عليه وسلم الأيم أحق بنفسها من وليها) (28) قال إسماعيل والأيم التي لا زوج لها بالغا كانت أو غير بالغ بكرا كانت أو ثيبا قال ولم يدخل الأب في جملة الأولياء لأن أمره في ولده أجل من أن يدخل مع الأولياء الذين لا يشبهونه وليست لهم أحكامه ولو دخل في جملة الأولياء لما جاز له (29) أن ينكح ابنته الصغيرة ثم لا يكون لها خيار عند بلوغ ولا غيره قال وقد توهم قوم أن الأيم في هذا الحديث الثيب وهو غلط شديد وإنما توهموا ذلك حين خصت البكر بأن (30) إذنها صماتها فظنوا أن الأيم هي الثيب ولو كان الأمر كما توهموا لكانت الثيب أحق بنفسها من وليها وكانت البكر ليست بأحق بنفسها وكان الاستئمار لها إنما هو على الترغيب في ذلك لا على الايجاب إذا كانت ليست بأحق بنفسها من وليها وهذا الحديث إنما جاء في الأيامى جملة وكأنه والله أعلم إعلام للناس إذا أمروا بإنكاح الأيامى في القرآن مع ما أمروا به من إنكاح العبيد والإماء أنهن لسن بمنزلة العبيد والإماء وأنهن إنما ينكحهن الأولياء بأمرهن وأنهن أحق بأنفسهن ولولا ذلك لكان للأولياء أن ينكحوهن بغير أمرهن كما ينكح السيد أمته وعبده بغير أمرهما إذ كان ظاهر القرإن في اللفظ قد أجرين فيه مجرى واحدا قال الله تبارك وتعالى * (وأنكحوا) *
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»