ذلك من باب الغيبة لأنه لم يقصد بذلك إلى لمزه ولا إلى شفاء غيظ ولا أذى ويكون حديث الغيبة مرتبا على هذا المعنى وفي هذا أيضا دليل على استشارة ذوي الرأي وأنه جائز أن يستشير الرجل من يرضى دينه في امرأتين يسميهما له أيتهما يتزوج وكذلك للمرأة في رجلين أيهما (تتزوج) (154) وفيه أن للمستشار أن يشير بغير من استشير فيه لأنه أشار عليه السلام إلى (أسامة) (155) ولم تذكر له إلا أبا جهم ومعاوية وفي قوله صلى الله عليه وسلم أما معاوية فصلعوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه دليل على جواز الإغياء في الصفة وأن المغيي لا يلحقه كذب إذا لم يقصد قصد الكذب وإنما قصد الابلاغ في الوصف ألا ترى أن معاوية قد ملك ثوبه وغير ذلك وهو مال وفي غير حديث مالك لا يملك شيئا وكذلك قوله لا يضع عصاه عن عاتقه ومعلوم أنه كان يصلي وينام ويأكل ويشرب ويشتغل بأشياء كثيرة غير ضرب النساء ولكنه لما كان يكثر ضرب النساء نسبه إلى ذلك على ما قالت الحكماء من أكثر من شيء عرف به ونسب إليه ولم يرد بذكر العصا ههنا العصا التي يضرب بها وإنما أراد الآداب باللسان واليد وبما يحسن الأدب بمثله يصنع في أهله كما يصنع الوالي في رعيته وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل أوصاه ولا ترفع عصاك عن أهلك وأخفهم في الله رورى هذا من حيدث المصريين عن عبادة بن الصامت فيما أوصاه به رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضهم يقول فيه لا تضع عصاك عن أهلك وأنصفهم من نفسك وقال صلى الله عليه وسلم علق سوطك حيث يراه أهلك وفي هذا كله ما يوضح لك أن للرجل ضرب نسائه فيما يصلحهم وتصلح به حاله وحالهم معه كما له أن يضرب امرأته عند امتناعها عليه ونشوزها ضربا غير مبرح
(١٦٠)