التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٩ - الصفحة ١٥٨
ففي حديث مالك في أم شريك تلك امرأة يغشاها أصحابي وفي حديث مجالد عن الشعبي تلك امرأة يتحدث عندها وفي حديث أبي بكر بن أبي الجهم وقد مضى ذكره أن بيت أم شريك يغشى وفي حديث أبي الزبير أن بيتها يوطأ وفي هذا كله دليل على أن القوم إنما كانوا يتحدثون بالمعاني وإياها كانوا يراعون وفيما ذكرنا دليل على ما وصفنا من جواز غشيان النساء الصالحات المتجالات في بيوتهن والحديث معهن وأما قوله إن معاوية وأبا جهم خطباني ثم خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها لأسامة حين أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباها ففيه دليل على أنه لا بأس أن يخطب الرجل على خطبة أخيه مالم تكن اليه على ما قال مالك وغيره مما قد ذكرناه في باب محمد بن يحيى بن حبان وغيره من كتابنا هذا (151) واتفق جمهور الفقهاء على أنه إذا ركن إلى الخاطب الأول لم يجز أن يخطب أحد على خطبته وقال بعض أصحاب الشافعي يجوز على حديث فاطمة هذا وهذا ليس بشيء لأنه يجعل الأحاديث معارضة وإذا حملت على ما قال الفقهاء لم تتعارض وقد مضى الحكم فيمن خطب على خطبة أخيه في باب محمد بن يحيى بن حبان ومثل خطبة رسول الله لأسامة بن زيد على خطبة معاوية وأبي جهم ما ذكره ابن وهب عن ابن لهيعة وغيره عن عبيد الله بن المغيرة أنه سمع الحرث بن سفيان الأسدي يحدث عن الحرث بن سعد بن أبي ذباب أن عمر بن الخطاب خطب امرأة على جرير البجلي وعلى مروان بن الحكم وعلى عبد الله بن عمر فدخل على المرأة وهي جالسة في قبتها عليها ستر فقال عمر إن جرير البجلي يخطب وهو سيد أهل المشرق ومروان يخطب وهو سيد شباب قريش وعبد الله بن عمر
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»