التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٩ - الصفحة ١٦١
وقد روي عن الحسن وقتادة أن رجلا ضرب امرأته وجرحها فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم يطلبون القصاص فأنزل الله * (الرجال قوامون على النساء) * 156 الآية فمعنى العصا في هذين الحديثين الإخافة والشدة بكل ما يتهيأ ويمكن مما يجمل ويحسن من الأدب فيما يجب الدب فيه وقد قال بعض أصحابنا إن فيه إباحة ضرب الرجل امرأته ضربا كثيرا لأنه قصد به قصد العيب له والضرب القليل ليس بعيب لأن الله قد أباحه قال ولما لم يغير رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي جهم ما كان عليه من ذلك كان في طريق الإباحة وفيما قال من ذلك والله أعلم نظر قال ابن وهب ذمه لذلك دليل على أنه لا يجوز فعله ومن هذا قالت العرب فلان لين العصا وفلان شديد العصا يقولون ذلك في الوالي وما أشبهه وقال الشاعر * لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الانسان إلا ليعلما * وقال معن بن أوس يصف راعي إبله * عليها شريب (157) وادع لين العصا * يسائلها عما به (158) وتسائله * * والعرب تسمي الطاعة والألفة والجماعة العصا ويوقولون عصا الإسلام وعصا السلطان ومن هذا قول الشاعر * إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا * فحسبك والضحاك سيف مهند *
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»