التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٦ - الصفحة ٦٧
قال أبو عمر لهذا الاختلاف ومثله عن عروة والله أعلم ضعف أهل العلم بالحديث ما عدا حديث هشام بن عروة وسليمان بن يسار من أحاديث الحيض والاستحاضة فهذه الأحاديث المرفوعة في هذا الباب وأما أقاويل الصحابة والتابعين وسائر فقهاء المسلمين فسنورد منها ههنا ما فيه شفاء واكتفاء إن شاء الله قال أبو عمر أما قوله في حديث مالك في هذا الباب عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعناه عند جميع العلماء أنها كانت امرأة لا ينقطع دمها ولا ترى منه طهرا ولا نقاء وقد زادها ذلك على أيامها المعروفة لها وتمادى بها فسألت عن ذلك لتعلم هل حكم ذلك الدم كحكم دم الحيض أو هل هو حيض أو غير حيض فأجابها رسول الله صلى الله عليه وسلم بجواب منعها به من الصلاة في أيام حيضتها فبان بذلك أن الحائض لا تصلي وهذا إجماع وأمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي إذا خلفت ذلك واحتملت ألفاظ هذه الأحاديث من التأويل ما أوجب اختلاف العلماء في هذا الباب على ما نذكره عنهم إن شاء الله والذي أجمعوا عليه أن المرأة لها ثلاثة أحكام في رؤيتها الدم السائل من فرجها فمن ذلك دم الحيض المعروف تترك له الصلاة إذا كان حيضا وللحيض عندهم مقدار اختلفوا فيه وكلهم يقول إذا جاوز الدم ذلك المقدار فليس بحيض والحيض خلقة في النساء وطبع معتاد معروف منهن وحكمه ألا تصلي معه المرأة ولا تصوم فإذا انقطع عنها كان طهرها منه الغسل
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»