وقد أجمع جمهور العلماء وجماعة أئمة الفتيا بالأمصار من الفقهاء أن البحر طهور ماؤه وأن الوضوء جائز به إلا ما روي عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص فإنه روي عنهما أنهما كرها الوضوء من ماء البحر ولم يتابعهما أحد من فقهاء الأمصار على ذلك ولا عرج عليه ولا التفت إليه لحديث هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يدلك على استشهار الحديث عندهم وعملهم به وقبولهم له وهذا أولى عندهم من الإسناد الظاهر الصحة بمعنى ترده الأصول وبالله التوفيق وقد خالفهما ابن عباس حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن إبراهيم بن جامع قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا خلف بن موسى بن سلمة الهذلي قال سألت ابن عباس عن الوضوء بماء البحر وقال هما البحران فلا تبالي بأيهما توضأت وفي حديث هذا الباب من الفقه إباحة ركوب البحر لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كره ركوبه لنهى عنه الذين قالوا إنا نركب البحر وقولهم هذا يدل على أن ذلك كان كثيرا ما يركبونه لطلب الرزق من أنواع التجارة وغيرها وللجهاد وسائر ما فيه إباحة أو فضيلة والله أعلم فلم ينههم عن ركوبه وهذا عندي إنما يكون لمن سهل ذلك عليه ولم يشق عليه ويصعب به كالمائد المفرط الميد أو من لا يقدر معه على أداء فروض الصلاة ونحوها من الفرائض ولا يجوز عند أهل العلم ركوب البحر في حين ارتجاجه ولا في
(٢٢١)