ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ولا أحفظ لملك في هذه المسألة قولا وأما قوله فارجعه ففيه دليل على أن للأب أن يرجع فيما وهب لابنه على ظاهر حديث ابن شهاب وغيره وهذا المعنى قد اختلف فيه الفقهاء فذهب ملك وأهل المدينة أن للأب أن يعتصر ما وهب لابنه ومعنى الاعتصار عندهم الرجوع في الهبة وليس ذلك لغير الأب عندهم وإنما ذلك للأب وحده وللأم أيضا أن وهبت لابنها شيئا وأبوه حي أن ترجع فإن كان يتيما لم يكن لها الرجوع فيما وهبت له لأن الهبة لليتيم كالصدقة التي لا رجوع فيها لأحد فإن وهبت لابنها وأبوه حي ثم مات وأرادت أن ترجع في هبتها تلك فقد اختلف أصحاب ملك في ذلك والمشهور من المذهب أنها لا ترجع وأما الأب فله أن يرجع أبدا في هبته لابنه هذا إذا كان الولد الموهوب له لم يستحدث دينا يداينه الناس ويأمنونه عليه من أجل تلك الهبة أو ينكح فإذا تداين أو نكح لم يكن للأب حينئذ الرجوع فيما وهب له وهذا إنما يكون في الهبة فإن كانت صدقة لم يكن له فيها رجوع لأن الصدقة إنما يراد بها وجه الله فلا رجوع لأحد فيها أبا كان أو غيره وقول ملك في الهبة للثواب أن الواهب على هبته إذا أراد بها الثواب حتى يثاب منها أبا كان أو غيره إلا أن تتغير بزيادة أو نقصان عند الموهوب له أو تهلك فإن كان ذلك وطلب الواهب الثواب فإنما له قيمتها يوم قبضها وكان إسحاق بن راهويه يذهب إلى هذا وكان ملك يذهب إلى أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه في هذا الباب فارجعه أمر إيجاب لا ندب وكان يقول إنما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك لأنه نحله
(٢٣٥)