التمهيد - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ١٧٩
فإن قيل أن في قول الله عز وجل * (ولا تقربوهن حتى يطهرن) * بعد قوله * (فاعتزلوا النساء في المحيض) * دليلا على أن المحيض إذا زال وطهرن جاز اتيانهن من حيث أمرنا باجتنابهن فالجواب أن في قول الله عز وجل * (فإذا تطهرن فأتوهن) * دليلا على بقاء تحريم الوطء بعد الطهر حتى يتطهرن بالماء لأن تطهرن تفعلن مأخوذ من قول الله * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * يريد الاغتسال بالماء وقد يقع التحريم بالشيء ولا يزول بزواله لعله أخرى دليل ذلك قول الله عز وجل في المبتوتة * (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) * وليس تحل له بنكاح الزوج حتى يمسها (أ) ويطلقها وكذلك لا تحل الحائض للوطء بالطهر حتى تغتسل ومثل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض ومعناه حتى تضع وتطهر من دم نفاسها أو حيضتها (ب) وتغتسل منه ومن هذا المعنى أيضا أن الاحرام يمنع من الطيب واللباس والصيد والنساء (ج) وقد يقع الحل من ذلك كله قبل أن يقع من وطء النساء حتى يكمل الخروج من الحج فيحل حينئذ الوطء فكذلك الحيض يوجب تحريم الصلاة والصوم واتيان الزوج فإذا انقطع الدم انحل عنها بعض ذلك بإباحة الصوم لها وبقي تحريم الصلاة إلى أن تأتي بالطهارة فكذلك حكم الجماع أن يبقى تحريمه حتى لا يبقى للحيض حكم والله أعلم وفي المسألة اعتراضات وفيما ذكرنا كفاية والحمد لله
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»