التمهيد - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
وبين أن ينزل على أجرها فأي ذلك تخير كان ذلك له بإجماع ولا تنطلق يد ملتقطها عليها بصدقة ولا تصرف قبل الحول واجمعوا أن أخذ ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها له أكلها واختلفوا في سائر ذلك على ما نذكره إن شاء الله فمن ذلك أن في الحديث دليلا على إباحة التقاط اللقطة وأخذ الضالة ما لم تكن إبلا لأنه عليه السلام أجاب السائل عن اللقطة بأن قال أعرف عفاصها ووكاءها كأنه قال احفظها على صاحبها واعرف من العلامات ما تستحق به إذا طلبت وقال في الشاة هي لك أو لأخيك أو للذئب يقول خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب إن لم تأخذها كأنه يحضه على أخذها ولم يقل في شيء من ذلك دعوه حتى يضيع أو يأتيه ربه ولو كان ترك اللقطة أفضل لأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها كما قال في ضالة الإبل والله أعلم ومعلوم أن أهل الأمانات لو اتفقوا على ترك اللقطة لم ترجع لقطة ولا ضالة إلى صاحبها أبدا لأن غير أهل الأمانات لا يعرفونها بل يستحلونها ويأكلونها واختلف الفقهاء في الأفضل من أخذ اللقطة أو تركها فروى ابن وهب عن مالك أنه سئل عن اللقطة يجدها الرجل أيأخذها فقال أما الشيء الذي له بال فإني أرى ذلك فقال له الرجل إني رأيت شفنا (1) (أ) أو قرطا مطروحا في المسجد فتركته فقال مالك لو أخذته فأعطيته بعض نساء المسجد كان أحب إلي قال وكذلك الذي يجد الشيء فإن كان لا يقوى على تعريفه فإنه يجد من هو
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»