التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٦٥
حديث تاسع لجعفر بن محمد مرسل مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب خطبتين يوم الجمعة وجلس بينهما هكذا رواه جماعة رواة الموطأ مرسلا وهو يتصل من وجوه ثابتة من غير حديث مالك واختلف الفقهاء في الجلوس بين الخطبتين هل هو فرض أم سنة فقال مالك وأصحابه والعراقيون وسائر فقهاء الأمصار إلا الشافعي الجلوس بين الخطبتين سنة فإن لم يجلس بينهما فلا شيء عليه وقال الشافعي هو فرض وإن لم يجلس بينهما صلى ظهرا أربعا واختلفوا أيضا في الخطبة هل هي من فروض صلاة الجمعة أم لا وقد جاء فيها أيضا عن أصحابنا أقاويل مضطربة والخطبة عندنا في الجمعة فرض وهو مذهب ابن القاسم والحجة في ذلك انها من بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجمل الخطاب في صلاة يوم الجمعة قال الله تبارك وتعالى * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) * فأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الجمعة بفعله كيف هي وأي وقت هي وبيانه لذلك فرض كسائر بيانه لمجملات الكتاب في الصلوات وركوعها وسجودها وأوقاتها وفي الزكوات ومقاديرها وغير ذلك مما يطول ذكره وقد استدل بعض أصحابنا على وجوب الخطبة بقول الله عز وجل * (وتركوك قائما) * لأنه عاتب بذلك الذين تركوا النبي صلى الله عليه وسلم قائما يخطب يوم الجمعة وانفضوا إلى التجارة التي قدمت العيس بها في تلك
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»