التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٢٠
أخبث مما أظهرت فذهب به حتى دخلا على علي رضي الله عنه وهو في قصره جالس في قبة فقال يا أمير المؤمنين زعم هذا أنه ليس على المجوس جزية وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذها من مجوس هجر فقال علي أجلسا فوالله ما على الأرض اليوم أحد أعلم بذلك مني كان المجوس أهل كتاب يقرؤونه وعلم يدرسونه فشرب أميرهم الخمر فوقع على أخته فرآه نفر من المسلمين فلما أصبح قالت أخته إنك قد صنعت بها كذا وكذا وقد رآك نفر لا يسترون عليك فدعا أهل الطمع فأعطاهم ثم قال لهم قد علمتم إن آدم أنكح بنيه بناته فجاء أولئك الذين رأوه فقالوا ويلا للأبعد ان في ظهرك حدا فقتلهم وهم الذين كانوا عنده ثم جاءت امرأة فقالت بلى قد رأيتك فقال لها ويحا لبغي بني فلان فقالت أجل والله لقد كنت بغيا ثم تبت فقتلها ثم أسرى على ما في قلوبهم وعلى كتابهم فلم يصبح عندهم شيء منه فإلى هذا ذهب من قال إن المجوس (1) كانوا أهل كتاب وأكثر أهل العلم يأبون ذلك ولا يصححون هذا الأثر والحجة لهم قول الله تبارك وتعالى * (أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) * يعني اليهود والنصارى وقوله * (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون) * وقال * (يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل) * فدل على أن أهل الكتاب هم أهل التوراة والإنجيل اليهود والنصارى لا غير والله أعلم وأما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم سنوا بهم سنة أهل الكتاب فقد احتج من قال أنهم كانوا أهل كتاب بأنه يحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد سنوا بهم سنة أهل الكتاب الذين يعلم كتابهم علم ظهور واستفاضة وأما المجوس فعلم كتابهم على خصوص والآية محتملة للتأويل عندهم أيضا وأي الأمرين كان فلا خلاف بين
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»