وحكم ما لا دم له حكمه من أنه لا يفسد ما مات فيه من الطعام وقد رخص قوم في أكل دود التين وما في الفول وسائر الطعام من السوس واستجازوا ذلك لعدم النجاسة وكره أكل ذلك جماعة من أهل العلم وقالوا لا يؤكل شيء من ذلك لأنه ليس له حلق ولبة فيذكى ولا هو من صيد الماء فيحل بغير الذكاة واحتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذباب فليغمسه ثم ليطرحه قالوا ولو كان أكله مباحا لم يأمر بطرحه وأما القملة والبرغوث (*) فأكثر أصحابنا يقولون لا يؤكل طعام ماتت فيه قملة أو برغوث لأنهما نجسان وهما من الحيوان الذي عيشه من دم الحيوان لا عيش لهما غير الدم فهما نجسان وهما دم وكان سليمان بن سالم القاضي الكندي من أهل أفريقية يقول إن ماتت القملة في الماء طرح ولم يشرب وإن وقعت في الدقيق ولم تخرج في الغربال لم يؤكل الخبز وإن ماتت في شيء جامد طرحت وما حولها كالفارة وقال غيره من أصحابنا وغيرهم إن القملة كالذباب سواء فأما الماء فالأصل فيه عندنا ما ذكرنا وأوضحنا في هذا الباب وقد علم أن الذباب يعيش من الدم ويتناول من الأقذار ما تتناول القملة وفيه من الدم مثل ما في القملة أو أكثر وقد حكم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تقدم ذكرنا له وهذا ما لم يكن فيه دم لأن الحديث إنما يدل على أن النجس من الحيوان ما له دم سائل وكذلك قال إبراهيم ما ليس له نفس سائلة فليس بنجس يعني بالنفس الدم
(٣٣٨)