التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٢٦
ومن حجتهم أيضا ما رواه قرة بن خالد (727) عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال طهور الإناء إذا ولغ فيه الهر أن يغسل مرة أو مرتين شك قرة وهذا الحديث لم يرفعه إلا قرة بن خالد وقرة بن خالد ثقة ثبت وأما غيره فيرويه عن ابن سيرين عن أبي هريرة قوله وفي هذا الحديث من رأى أبي قتادة دليل على أن الماء اليسير تلحقه النجاسة ألا ترى إلى قوله أتعجبين يا ابنة أخي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليست بنجس فدل هذا أن الهر لو كان عنده من باب النجاسات لأفسد الماء وإنما حمله على أن يصغى لها الإناء وطهارتها ولو كان مما تنجس لم يفعل فدل هذا على أن الماء عنده تفسده النجاسة وإن لم تظهر فيه لأن شرب الهر وغيره من الحيوان في الإناء إذا لم يكن في فمه أذى من غيره ليس ترى (1) معه نجاسة في الإناء وهذا المعنى اختلف فيه أصحابنا وسائر العلماء فذهب المصريون من أصحاب مالك إلى أن قليل (ب) الماء يفسده قليل النجاسة وأن الكثير لا يفسده إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه من المحرمات وما غلب عليه من الأشياء الطاهرة أخرجه من باب التطهير وأبقاه على طهارته ولم يحدوا بين القليل من الماء الذي يفسده قليل النجاسة وبين الكثير الذي لا يفسده إلا ما غلب عليه حدا يوقف عنده إلا أن ابن القاسم روى عن مالك في الجنب يغتسل في حوض من الحياض التي تسقى فيها الدواب ولم يكن غسل
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»